بدعة أم مستحب.. موعد بدء أيام شهر رجب وحكم صومه أيامه وفضله

مع اقتراب موعد استطلاع هلال شهر رجب مع اقترابه، يرغب الكثير من المسلمين في معرفة موعد أول رجب فلكيًا، بالإضافة إلى التساؤلات العديدة بشأن حكم صيامه، وكذلك فضله، وذلك ما سوف نسرده خلال السطور التالية بحسب ما ورد في تصريحات لفضيلة المفتي الدكتور شوقي علام على الفتوي.

موعد أول شهر رجب 2023

أما عن موعد أول شهر رجل فلكيًا، فقد قال المعهد القومى للبحوث الفلكية، إنه موعد سوف يبدأ في تمام يوم الإثنين الموافق لتاريخ 23 يناير 2023، وتصل عدد أيامه الى 29 يومًا، وذلك وفق الحسابات الفلكية، كما أن هلال شهر رجب يولد في تمام الساعة 10.54 مساءً بتوقيت مصر بعد حدوث الاقتران، في يوم السبت 28 من جمادى الآخرة 1444، والموافق لتاريخ 21 يناير من العام 2023.

استطلاع هلال شهر رجب

يبدأ موعد استطلاع هلال شهر رجب 2023، في العام الميلادي بتاريخ 22-1-2023، الموافق يوم الأحد 29 من جمادى الآخرة 1444 هجريًا، وفي وقتها يبدأ هلال الشهر الجديد في الظهور في سماء مكة المكرمة بعد غروب الشمس بحوالي 44 دقيقة، وفي القاهرة بوقت يصل إلى 43 دقيقة، أما عن فترة بقاء هلال شهر رجب في محافظات مصر في السماء، فإنه سوف يستمر وجوده إلى 45 دقيقة، أما عن العواصم والمدن العربية والإسلامية فإنه يظل مدد تتراوح بين 36 و56 دقيقة، بعد غروب الشمس.

بدعة أم مستحب.. موعد بدء أيام شهر رجب وحكم صومه أيامه وفضله
صيام رجب

حكم صيام شهر رجب

نشرت دار الإفتاء المصرية بتاريخ 23-4-2019م فتوى رقم 15062، بشأن حكم صيام شهر رجب وفضل صومه، نقلًا عن الدكتور شوقي إبراهيم علام، بعدما ورد إليه سؤال قيل فيه التالي: «هل يجوز صيام شهر رجب؟ لأن بعض الناس يذكرون أن تخصيص شهر رجب بالصيام بدعة محرمة، وأن الفقهاء الذين استحبوه -كالشافعية- مخطؤون، وهم قد استندوا في قولهم هذا لأحاديث ضعيفة وموضوعة، فهل هذا صحيح؟».

وتابع أن شهر رَجَب من الأشهر الحُرُم قال تعالى فيها: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، وتلك الأشهر تأتي كالتالي:

  •  ذو القَعدة.
  •  ‏ذو الحِجة.
  •  ‏المُحَرَّم.
  •  ‏رَجَب.

‏ وروي عن الإمامان البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، بالإضافة إلى شهر رمضان، كما أنه من الشهور الْمُعَظَّمة عند العرب؛ ولأن كثرة الأسماء تدلُّ على شرف المسمَّى، فقد أسموه على نطاق واسع، حيث قال العلامة الفيروز آبادي في «بصائر ذوي التمييز» (1/ 88، ط. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية)، وقد أورد العلامة ابن دحية الكلبي ثمانية عشر اسمًا من أسمائه في كتابه «أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب» (ص: 30، ط. المكتب الإسلامي).

صيام رجب في السنة

وأما عن فضل رجب من السُنَّة: فقد قال النسائي نقلًا عن سيدنا أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما، إنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ»، وورد في «تبيين العجب»، عز الحافظ ابن حجر العسقلاني في (ص: 12) قوله: [فهذا فيه إشعار بأنَّ في رجب مشابهة برمضان وأن الناس يشتغلون من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان؛ لذلك كان يصومه صلى الله عليه وآله وسلم، وفي تخصيصه ذلك بالصوم إشعار بفضل رجب، وأن ذلك كان من المعلوم المقرر لديهم].

وقال الإمام أبوداود عن مجيبة الباهليَّة، أن أبيها أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ ءعب، وعاد له بعد ذلك بعام، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟»، ثم قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قال: زدني، قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قال: زدني، قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.

ورد في «فضائل الأوقات» عن الإمام البيهقي، قول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الرسول قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ»، ونوه إلى أن هذه الأحاديث لا يصح منها شيء، حيث قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تبيين العجب» (ص: 11): [لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة].

وروي عن أبي قلابة رضي الله عنه أنه قال: «في الجنة قصر لصُوَّام رجب». وقال الإمام أحمد: «وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق»، وتلك الأحاديث مما يعمل به في فضائل الأعمال حتى وإن كانت ضعيفة، حيث قال الإمام النووي وغيره: [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا].

وقال في (ص: 48، ط. دار الكتاب العربي) «التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث»: [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم] .

بدعة أم مستحب.. موعد بدء أيام شهر رجب وحكم صومه أيامه وفضله
صيام رجب

آراء الأئمة الأربعة

ونقل الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»، كما قال: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»، ومن نصوص الأحناف ما جاء في «الفتاوى الهنديَّة»: [(المرغوبات من الصيام أنواع): أولها: صوم المحرم. والثاني: صوم رجب. والثالث: صوم شعبان وصوم عاشوراء].

وأمَّا عن المالكيَّة: فذكر «مختصر خليل» أنه: [(و) ندب صوم (المحرم ورجب وشعبان) وكذا بقية الحرم الأربعة، وأفضلها المحرم، فرجب، فذو القعدة، والحجة]، في حين أن الشافعية قالوا: [(وأفضل الأشهر للصوم) بعد رمضان: الأشهر (الحرم)؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ لخبر الإمام أبي داود وغيره: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وإنَّما أمر المخاطب بالترك؛ لأنَّه كان يشق عليه إكثار الصوم، كما جاء التصريح به في الخبر، أمَّا من لا يشق عليه: فصوم جميعها له فضيلة، (وأفضلها المحرم)؛ لخبر مسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ»، (ثَّم باقيها)، وظاهره استواء البقية، والظاهر تقديم رجب؛ خروجًا من خلاف من فَضَّله على الأشهر الحُرُم، (ثمَّ شعبان)]، وأمَّا الحنابلة فكانوا لا يتفقون مع ذلك، وكانت تنتفي بفطر بعضه، أو بصوم شهر آخر معه.