“استحباب التنفل بالصيام فيه”.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول صوم شهر رجب

نوهت دار الإفتاء المصرية، أن الرأي الصحيح عند جمهور الفقهاء أنه يستحب الصيام المتنقل في شهر رجب ، وأن الصيام مستحب على مدار السنة، وأوضحت دار الإفتاء أن صيام رجب لم يرد حديث بخصوصه ، ويدخل في العموميات الشرعية في التوصية بالصيام مع عدم وجود حديث صحيح في استحبابه، ولفتت دار الإفتاء المصرية إلى أن شهر رَجَب من الأشهر الحُرُم التي ذكرها الله تعالى في القران الكريم؛ حيث قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، وتلك الأشهر هي: ذو القَعدة، وذو الحِجة، والمُحَرَّم، ورَجَب، كما وضحتها السنَّة النبوية على لسان الرسول الكريم أفضل الصلاة والسلام؛ كما روى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». وتلك الأشهر الحرم هي أطيب الشهور، فضلا عن شهر رمضان، وهو أفضلها على الإطلاق. انظر: “حاشية الشرقاوي على التحرير” (1/ 426، ط. دار إحياء الكتب العربية، فيصل الحلبي).

"استحباب التنفل بالصيام فيه".. دار الإفتاء تحسم الجدل حول صوم شهر رجب
شهر رجب

الإفتاء تحسم الجدل حول حكم صيام شهر رجب والأحاديث الواردة فيه

وكان في قديم الزمان شهر رجب من أعظم  الشهور عند العرب؛ فقاموا بالإكثار من أسمائه على عادتهم في أنهم إذا أحبوا أمرا استخدموا أسمائه بكثرة، وكثرة الأسماء ند العرب تثبت عظمة المسمَّى، أَو كمالِه فيشيء من الأشياء، كما قال العلامة الفيروز آبادي في “بصائر ذوي التمييز” (1/ 88، ط. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية)، وقد أورد العلامة ابن دحية الكلبي ثمانية عشر اسمًا من أسمائه في كتابه “أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب” (ص: 30، ط. المكتب الإسلامي)، منها: الفرْد؛ لأنَّ  أخر الأشهر الحرم وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، وَالمحرّم متتابعة، وَرجب فرد، ومنها الأصم؛ لأنَّه ما كان رفع السلاح فيه؛ حيث كان يوقف الحَرب فيه، إلى غير ذلك من  الأسماء المتبقية التي ذكرها ابن دحية.

وقد قام الإمام أبو محمد الحسن الخَلَّال جمع جملة مما وذكر في فضائل شهر رجب، ولابن عساكر جزء في فضل رجب، وللعلامة ابن دحية الكلبي كتابه: “أداء ما وجب” الذي تم ذكره سابقا، وجمع الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضًا جملة مما ذكر  في فضل رجب وبيَّن درجتها في “تبيين العجب بما ورد في فضل رجب”، وقد تحدث عنه باستيعاب أيضًا الحافظ ابن رجب الحنبلي في “لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف”.

ومن ضمن ما ذكر عن فضل شهر رجب من السُنَّة النبوية عن لسان الرسول صلى الله عليه وسلم: ما رواه النسائي وغيره من حديث سيدنا أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنَ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ». قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “تبيين العجب” (ص: 12): [فهذا فيه إشعار بأنَّ في شهر رجب تشابه بشهر رمضان وأن الناس يبتعدون عن العبادة بما يشتغلون به في شهر رمضان، ويتجاهلون مقابل ذلك في شعبان؛ لذلك كان يصومه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي تحديده ذلك بالصوم إشعار بفضائل شهر رجب، وأن ذلك كان من المعروف المقرر لديهم] اهـ.