النصب على المرضى بعلاج فقدان «الشم والتذوق»

جلسات بخار وأكسجين وتمارين وبخاخ وتركيبات دوائية غير مرخصة

مع دخول فصل الشتاء عاود فيروس كورونا الانتشار من جديد فى مرحلة أطلق عليها العالم «الموجة الثانية» لتزداد أعداد المصابين والوفيات كما كانت فى بداية ظهور الجائحة، وبالرغم من أن أحد أبرز أعراض الوباء النادرة منذ الموجة الأولى هى فقدان حاستى التذوق والشم، إلا أنها تحولت إلى عرض شائع يصيب معظم المرضى فى الفترة الأخيرة.

ولكن مع عدم وجود بروتوكول طبى صريح لعلاج هذا العرض، بدأ عدد من المراكز الطبية فى استغلال الوضع للإعلان عن توفيرعلاج لفقدان حاستى الشم والتذوق خلال أيام قليلة.

تواصلنا مع عدد من هذه المراكز لمعرفة طبيعة العلاج الذى يقدمونه للمرضى، البداية كانت مع مركز يدعى «التيسير» بمدينة نصر، والذى أكد أن هناك طبيباً متخصصاً فى حالات فقدان الشم والتذوق يقدم جلسات علاج طبيعى فعالة، بالإضافة إلى تركيبة دوائية توصلت إليها أحدث الأبحاث العالمية تساعد على إعادة الحاستين خلال أسبوع بحد أقصى.

وعندما استفسرنا عن التفاصيل أخبرنا مسئول خدمة العملاء أن الطبيب يقوم بعمل جلسات لتدريب المريض على التذوق من خلال التعرض لشم الروائح النفاذة بمراحل معينة وفقًا لدراسات يتبع نهجها، بالإضافة لجلسات أكسجين، وعلاج يتكون من مواد طبيعية بنسبة 25%، مختتمًا شرحه بأن باقة العلاج كاملة قيمتها 1500 جنيه مع إمكانية تقسيطها على دفعتين إحداهما فى الجلسة الأولى والأخرى مع حضور ثانى جلسة للعلاج.

أنهينا الحديث، وقمنا بالاتصال بمركز آخر يدعى «لندن الدولى» لجراحات الأنف والأذن والحنجرة، مستفسرين عن تفاصيل العلاج المعلن عنه لفاقدى الحاستين بسبب فيروس كورونا، بدأ المجيب بتعريفنا بطرق العلاج المختلفة، والتى تتمثل فى بخاخ مستورد من الولايات المتحدة الأمريكية، يحفز خلايا اللسان والأنف على الاستشعار من جديد، وينشط خلايا المخ المسئولة عن إرسال إشارات الإحساس إليهما، وبالتالى عودة الحواس تدريجيًا خلال 5 أيام بحد أقصى.

وأكمل أن العلاج لا يقتصر على البخاخ فحسب بل يتضمن اختبارات تحدد نسبة الفقدان لدى كل شخص، ليتم تخصيص جدول تغذية وتمارين مختلفة تتناسب مع درجة تأثر كل حالة لتكون علاجًا مكملًا للبخاخ، موضحًا أن تكلفة العلاج شاملة هذه المراحل تقدر بـ 2400 جنيه مع إمكانية عمل خصم 20% فى حال إحضار أكثر من مريض لتلقى العلاج، مؤكدًا أن هناك عشرات الحالات قد شفيت بفضل نظام العلاج الذى يتبعه المركز.

ولكن أثناء البحث عن بيزنس العلاج الجديد الذى ابتدعه بعض الأطباء، عثرنا على عدد من الحالات التى تضررت بسبب انسياقها وراء هذا النوع من الإعلانات، تقول ميادة طارق، إنها عانت لأكثر من شهر من فقدان حاسة التذوق والشم بعد تعافيها من فيروس كورونا، ما دفعها للتوجه إلى أحد المراكز التى أعلنت عن تقديم العلاج المناسب، ولكن بمجرد أن اتبعت الدواء وتعرضت لجلسات الاستنشاق والبخار، لاحظت بعد يومين ظهور حبوب فى اللثة تنتشر بشكل مخيف بالإضافة إلى رائحة كريهة للفم وانتفاخ بمقدمة اللسان عرفت لاحقًا أنه صديد.

وحينما توجهت إلى طبيب آخر للكشف عليها أخبرها أنها تعرضت لنسبة مرتفعة من الكورتيزون فى البخاخ بالإضافة إلى نسبة غير صحية من البخار المستنشق تسببت لها فى تكون بكتيريا من الدرجة المتوسطة بجدار الفم والأنف.

أما سمير طاهر، فيروى إنه لم يتحمل فقدان الحاستين لأكثر من أسبوعين، فتوجه إلى إحدى العيادات التى أعلنت عن تقديم العلاج الشافى فى غضون 3 أيام فقط، ليسارع بدفع مبلغ قدره 4 آلاف جنيه لتلقى العلاج هو وابنته المصابة أيضًا.

بدأ «سمير» بالفعل فى المواظبة على تناول الدواء، وهو عبارة عن كبسولات خضراء يقوم بتفريغها فى كوب من الماء الدافئ وتناولها على الريق صباحًا وقبل النوم مساء، بالإضافة لبعض التمارين الطبيعية التى نصحه الطبيب باتباعها لتحفيز الحاسة على العودة من جديد، إلا أنه فوجئ بعد أول يوم قام بتناول العلاج فيه بحكة شديدة فى الأنف استمرت طوال الثلاثة أيام فى التزايد، بينما لم تعد الحاسة لهما مجددًا.

تعقيبًا على ما سبق، أكد الدكتور محمد عبدالحليم، استشارى جراحات الأنف والأذن والحنجرة بطب القصر العينى، أن الطرق السابقة للعلاج ما هى إلا نصب وبيع للوهم لا أكثر، موضحًا أن كليهما يعودان خلال فترة تتراوح ما بين 3 و6 أشهر بعد تناول أدوية مقوية للمناعة معتمدة عالميًا لعلاج الزكام العادى فى حالات البرد الطبيعية نظرًا لعدم وجود علاج مكتشف يعالج هذه الإصابة على الفور.

وقال «عبدالحليم» إن فقدان التذوق والشم هو رد فعل طبيعى يحدث نتيجة التهاب بالجهاز التنفسى يسببه كوفيد19، ومن الخطورة تعريض المصابين إلى أجهزة البخار والأكسجين لأنها تضاعف الأزمة وقد تؤدى للإصابة بأمراض بكتيرية أخرى تنتشر فى بقية أعضاء الجسم تدريجيًا دون أن يشعر المريض.

وقدم نصيحة بضرورة الاعتماد على الطرق الطبيعية المعروفة التى ينصح بها الطبيب المتابع للحالة المصابة، والابتعاد عن خلطات العطارين والتركيبات الدوائية غير المرخصة رسميًا من قبل وزارة الصحة. الجدير بالذكر أن أحدث دراسات الإصابة بهذا العرض فى جامعة كنج كوليج بلندن، كشفت أن نسبة 60% من المصابين بكورونا يفقدون التذوق والشم لفترة من الوقت.