يبدو أن أوروبا أصبحت على مشارف أزمة بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي وارتفاع أسعاره، ومن المرتقب أن تتفاقم تلك الأزمة مع قدوم فصل الشتاء الذي بات ليس بعيدًا، ويتوقع العديد من المحلليين الاقتصاديين في مصر والعالم أن تعود أزمة الطاقة في أوربا على مصر بالنفع ، ولا سيما بعد ارتفاع أسعار الغاز المسال إلى مستويات غير مسبوقة، وقد أرتفع الطلب على الغاز في أوروبا وأسيا والتي تعتمد في إمدادها بالغاز على روسيا، حيث تمتد شبكة أنابيب الغاز الطبيعي من روسيا إلى معظم الدول الأوروبية، وقد زادت المعاملات اليومية لمستويات قياسية لارتفاع الطلب في ظل نقص حاد في الإمدادات، ومع اقتراب الشتاء الأوروبي القارس البرودة فإن الطلب على الغاز يرتفع لاستخدامه بغرض التدفئة، ونوضح خلال السطور التالية أبعاد أزمة الطاقة في أوروبا ومدى استفادة مصر من تلك الأزمة .
أرتفاع أسعار الغاز إلى مستوى قياسي
عادة ما يؤدي زيادة الطلب على سلعة أو خدمة مع نقص المعروض منها إلى زيادة سعرها، وهذا ما حدث مع نقص المعروض من الغاز الطبيعي في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية وخاصة الأوروبية والأسيوية زيادة مضطردة في الطلب، حيث يتم تداول الغاز الطبيعي في العقود الآجلة اليوم عند 6.07 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، والذي يعد من أعلى المعدلات في الأسعار منذ ثمان سنوات سابقة، وذلك بحسب وكالة بلومبرج، ويتم تداول الغاز الطبيعي في المعاملات الفورية عند 29 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع توقعات أن يظل فوق الـ25 دولار خلال هذا الصيف بحسب وكالة رويترز، ويأتي هذا الفرق الكبير في الأسعار نتيجة لانخفاض المعروض في التداولات الفورية .
أبعاد أزمة الغاز في أوروبا
تعتمد أوروبا على الغاز الطبيعي في العديد من مناحي الحياة، وقد يتفاقم الوضع في دول القارة العجوز بعد أن تحول إلى أزمة، ما دفع بعض الدول إلى اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية لاحتواء تلك المشكلة والتغلب عليها، وذلك باتخاذ بعض القرارات الاجتماعية لتخفيف مردود الأزمة على شعوبها، حيث أضطرت إسبانيا لخفض فواتير الطاقة، أما فرنسا فإنها تخطط لدفع 100 يورو لما يقرب لستة ملايين أسرة منخفضة الدخل بواقع 100 يورو، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة، ومن المتوقع أن تتخذ باقي الدول الأوروبية إجراءات مشابهة لتخفيف العبء على الفئات المتضررة من تلك الأزمة .
انتعاشة اقتصادية متوقعة في مصر بسبب أزمة الغاز
يتوقع المحللون أن تعود أزمة الغاز الطبيعي الحالية على مصر بالنفع، وذلك بارتفاع حصيلة تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، ويرى محمد أبو باشا، كبير محللي الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار هيرميس، أن الأزمة سوف تفيد مصر على الأغلب لزيادة حصيلة التصدير، ولا سيما أنها تبيع شحناتها في سوق Spot market المعاملات الفورية، وليس عن طريق العقود الآجلة، واتفق معه في الرأي نائب رئيس هيئة البترول السابق، مدحت يوسف حيث يرى أن الميزة الحالية هي زيادة الأسعار مع اقتراب موسم الشتاء، والذي عادة يكون موسم فائض من الغاز في مصر، ما سوف يؤدي إلى تضاعف عائدات تصدير الغاز المسال المصري .